الأخوة بين المؤمنين
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى من سار علة نهجه إلى يوم لقاه أما بعد ،
فما أعظم هذا الدين الذي حوّل السلوكات البشرية العادية إلى مظاهر رقي تربوية ، فشكّل وحوّل أمة متنازعة الأوصال متعددة المنابت والأصول إلى نسيج متماسك مترابط ، أشبه ما يكون بالجسد الواحد كما وصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصوّره حين قال :
(مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطهم كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) ، فرتّب حقوقاً للمؤمنين من توّاد وتراحم وتعاطف . هذا التوّاد الذي يربط المؤمنون ويشكّل الأخوة بين المسلمين التي اعتبرها رب العزة نعمة كبرى فقال تعالى (( فأصبحتم بنعمته إخوانا)) بل هو رباط أهل الإسلام (( فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين))
وجعل التحابب شرطًا لدخول الجنة فقال صلى الله عليه وسلم ( لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنون حتى تحابوا)
وأمر بخفض الجناح لهم فقال (( واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين ))
بل وورغّب بالتذلل لهم (( أذلة على المؤمنين))
وحضّ على إصلاح ذات البين فقال النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم ( ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والقيام والصدقة ؛ إصلاح ذات البين )
وعلى الإصلاح بين الناس ( ألا أدلك على صدقة يحيبها الله ورسوله ؟ تصلح بين الناس إذا تباغضوا وتحاسدوا)
حتى قال الله تعالى (( لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نؤتيه أجرًا عظيمًا))
وأمر بترك الحسد فقال صلى الله عليه وسلم ( لا يزال الناس بخير ما لم يتحاسدوا ) وقال ( الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب)
ونهى عن الحقد والغل (( ولا تجعل في قلوبنا غِلاً للذين آمنوا ))
وفي رمضان يسمو المسلم بعلاقاته مع إخوانه المؤمين ، فيتنافسون في الطاعات ويتاعنون على البر والقربات ويترفّع عن المشاكل والخصومات ويشعر بمعاناة فقيرهم ومحرومهم ويزيد المجتمع الإسلامي تعاضدًا وتكاتفًا وقوة ، فما يكاد ينتهي هذا الشهر الفضيل حتى يعيش المسلم مع إخوانه العيد الحقيقي بسلامة الصدر وطيب المعشر وحسن التزاور والتباذل وبذا امر الله تعالى ويرضى رسوله صلى الله عليه وسلم
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.