خلق الزهد
تعريفه:
- مقام قلبي يجعل المرء ينظر للدنيا بعين الزوال فتصغر في عينيه فيسهل عليه الاعراض عنها.
- عزوف النفس عن الدنيا بلا تكلف.
- استصغار الدنيا و محو أثارها من القلب.
- فراغ القلب من الدنيا لا فراغ اليد و أعلى منه.
- فراغ القلب مما سوى الله تعالى من دنيا و جنة و غيرها.
الزهد هو تفريغ القلب من حب حياة الدنيا و امتلاؤه بالحب للله تعالى فيكون الزهد وسيلة للوصول إلى الله و شرطاً لنيل محبته و ليس غاية مقصودة لذاتها.
مشروعيته:
- نفى بعضهم الزهد نفياً كاملاً باعتباره بدعة تسربت عن طريق الرهبانية النصرانية.
- ورد في كتاب الزهد لابن ماجة قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلّم: “ازهد في الدنيا يحبك الله وازهد فيما في أيدي الناس يحبوك”
- “إن الدنيا حلوة خَضِرة، وإن الله مستخلفكم فيها، فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء” رواه مسلم
- عن ابن عمر رضي اللَّه عنهما قَالَ: أَخَذ رسولُ اللَّه ﷺ بِمَنْكِبِي فقال: “كُنْ في الدُّنْيا كأَنَّكَ غريبٌ، أَوْ عَابِرُ سبيلٍ”
- “إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك” رواه البخاري
فالزهد مرتبة قلبية تقتضي اخراج حب الدنيا من القلب بحيث لا ينشغل السالك بها عن الغاية التي خلقه الله لأجلها وليس المقصود أن يخلّي اليد منها او يترك أسباب الرزق و الدليل عَنْ أَبِي ذَرٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: “الزَّهَادَةُ فِي الدُّنْيَا لَيْسَتْ بِتَحْرِيمِ الْحَلَالِ وَلَا إِضَاعَةِ الْمَالِ، وَلَكِنَّ الزَّهَادَةَ فِي الدُّنْيَا أَنْ لَا تَكُونَ بِمَا فِي يَدَيْكَ أَوْثَقَ مِمَّا فِي يَدَيِ اللَّهِ” رواه الترمذي.
فليس الزهد تجنب المال بالكلية بل تساوي وجوده وعدمه، وعدمُ تعلقه بالقلب.
فرسول الله صلى الله عليه وسلّم كان يأكل اللحم و الحلوى والعسل ويحب النساء والطيب والثياب الحسنة قخذ من الطيبات بلا سرف ولا مخيلة وإياك وزهد الرهبان.
“ما لي وللدنيا؟ ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة، ثم راح وتركها”
“لَوْ كَانَت الدُّنْيَا تَعْدِلُ عِنْدَ اللَّه جَنَاحَ بَعُوضَةٍ مَا سَقَى كَافِرًا مِنْها شَرْبَةَ مَاءٍ” رواه الترمذي
و كم تزخر السيرة العطرة بمواقف تدل على نهج النبي في التعامل مع الدنيا فكانت تأتيه راغمة فيعطي عطاء من لا يخشى الفقر.
ثم لا يترك في قلبه منها شيء يشغله عن الله و كذلك خلفاؤه الراشيدون، والدليل قوله تعالى: ((رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ۙ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ))
وكان الشيخ عبد القادر الجيلاني يقول: أخرج الدنيا من قلبك وضعها في يدك أو في جيبك فإنها لا تضرك.
وضّح العلماء أن ذم حياة الدنيا الوارد في القرآن الكريم لا ذم لذّات الدنيا إنما تحذير من الانشغال بها وان تصبح نهاية مقصودة لذاتها، أما هي في الحقيقة فعطية المؤمن لعمل الآخرة و مرزعته.
طريقة الوصول إلى الزهد:
صحبة المربي الحقيقي الذي يعرف و ينصح و يربي، فأخطأ كل من ترك الدنيا من يده و ترك الأسباب و اعتزل الناس و في قلبه شهوة الغنى كأمثال الجبال و قد يصف المربي بعض المجاهدات لتلميذيه ليعلمه الاستغناء عن الدنيا و لنل بذلك أسوة في فعل النبي حين ربط الحجر و تناول الأطعمة البسيطة.
فلا يفد تربية السالكين على الاخشيشان في العيش ولكن بإشراف مربي مأذون مؤهل لتسليك السالكين و مساعدتهم في تفريغ قلوبهم مما سوى الله عز وجل.
و يساعد أيضاً:
- العلم بأن ظل الدنيا زائل و الرحيل عنها لا مفر منه ((ألهاكم التكاثر))
“يَقُولُ ابنُ آدَم: مَالي! مَالي! وَهَل لَكَ يَا ابْنَ آدمَ مِنْ مالِكَ إِلَّا مَا أَكَلْتَ فَأَفْنَيْتَ، أَو لَبِسْتَ فَأَبْلَيْتَ، أَوْ تَصَدَّقْتَ فَأَمْضَيْتَ؟ “رواه مسلم.
- العلم بأن وراءها داراً أعظم قدراً و أجل خطراً
((قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخرةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى))
- العلم بأن زهد المؤمنين لا يمنعهم ما كتب لهم و حرصهم لا يزيدهم مما لم يكتب لهم.