خلق الشكر
تعريفه:
- هو فرح القلب بحصول النعمة، وضرف الجوارح في طاعة النعم.
- وقيل: هو عكوف القلب على محبة المنعم و الجوارح على طاعته و جريان اللسان بذكره و الثناء عليه.
- صرف العبد جميع ما انعم الله عليه من السمع و البصر وغيرهما إلى ما خُلق لاجله.
- الاعتراف بالنعمة والقيام بالخدمة، فمن كثر ذلك منه سمي شكوراً.
أقسام النعم:
- دنيوية كالصحة و العافية و المال الحلال
- دينية كالعلم و التقوى و العمل لله
- أخروية كالثواب على العمل الصالح و القليل بالعطاء الجزيل
- إن أعظم النعم هي نعمة الإسلام و الإيمان و الهداية، و شكرها بمعرفة أنها محض منّة من الله و الدليل قوله سبحانه و تعالى ((وَ لَٰكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ)).
- ثم تأتي النعمة الثانية و هي ما ساقه الله من خير على يد سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم و الدليل قوله تعالى ((لَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَىٰ مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا)).
- ثم يأتي فضل الوالدين حيث أجرى كثيراً من النعم على أيدهما ((أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ)).
أقسام الشكر:
شكر اللسان: و يتم عن طريق التحدث بنعم الله
- ((وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ))
- عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” التحدث بنعمة الله شكر”
- و قيل من كتم النعمة فقد كفرها و من أظهرها فقد شكرها
- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:” عرض على ربي ليجعل لي بطحاء مكة ذهبا قلت لا يا رب ولكن أشبع يوما وأجوع يوما فإذا جعت تضرعت إليك وذكرتك وإذا شبعت شكرتك وحمدتك”
- (إن عبدا من عباد الله قال: يا رب لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك و لعظيم سلطانك فأعضلت بالملكين فلم يدريا كيف يكتبانها فصعدا إلى السماء فقالا: يا ربنا إن عبدك قد قال مقالة لا ندري كيف نكتبها فقال الله عز و جل و هو أعلم بما قال عبده: ماذا قال عبدي؟ قالا: يا رب إنه قد قال: يا رب لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك و لعظيم سلطانك فقال الله لهما: اكتباها كما قال عبدي حتى يلقاني عبدي فأجزيه بها) أخرجه ابن ماجة
شكر الأركان: و هو العمل لله
- ((اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا))
- و منه نفهم مقاله النبي حيث قالت له السيدة عائشة رضي الله عنها: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى من الليل قام حتى تتفطر قدماه، فقلت: لم تصنع هذا يا رسول الله؟ وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر”، فقال: “يا عائشة، أفلا أكون عبدا شكورا؟”
- شكر الجنان (القلب): أن تشهد كل نعمة لك او لأحد من الخلق أنها من الله
- ((وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّه))
- أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: “مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ: اللهُمَّ مَا أَصْبَحَ بِي مِنْ نِعْمَةٍ أَوْ بِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ، فَمِنْكَ وَحْدَكَ لَا شَرِيكَ لَكَ، فَلَكَ الْحَمْدُ وَلَكَ الشُّكْرُ، فَقَدْ أَدَّى شُكْرَ ذَلِكَ الْيَوْمَ” و من قالها في ليلته فقد أدى شكر ليلته.
مراتب الشاكرين:
- العوام: يشكرون على النعم فقط
- الخواص: يشكرون على النعم و النقم، حيث أثنى رسول الله صلى الله عليه و سلم من يشكر حتى و إن جاءته مصيبة كما ورد في الحديث الشريف:
- عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: “إِذَا مَاتَ وَلَدُ الْعَبْدِ قَالَ اللَّهُ لِمَلائِكَتِهِ قَبَضْتُمْ وَلَدَ عَبْدِي فَيَقُولُونَ نَعَمْ فَيَقُولُ مَاذَا قَالَ عَبْدِي فَيَقُولُونَ حَمِدَكَ وَاسْتَرْجَعَ فَيَقُولُ اللَّهُ: ابْنُوا لِعَبْدِي بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَسَمُّوهُ بَيْتَ الْحَمْدِ”
- قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “أول من يدعى إلى الجنة الذين يحمدون الله في السراء، والضراء”
- شكر خواص الخواص: غيبتهم في المنعم عن رؤية النعم و النقم
- كما جاء في الأثر “الشكر رؤية المنعم لا رؤية النعمة”
- لذلك قال سيدنا موسى يا رب، خلقت آدم بيدك. ونفخت فيه من روحك. وأسجدت له ملائكتك. وعلمته أسماء كل شيء. وفعلت وفعلت… فكيف شكرك؟ قال الله عز وجل: علم أن ذلك مني، فكانت معرفته بذلك شكرا لي.
- وقال داود عليه السلام: يا رب، كيف أشكرك؟ وشكري لك نعمة علي من عندك تستوجب بها شكرا. فقال: الآن شكرتني يا داود.
فضله:
الشكر أعلى المقامات لأنه يشمل القلب و اللسان و الجوارح و يتضمن كل من الصبر و الرضا و الحمد.
فجعله الله ضد الكفر كما جاء بالقرآن الكريم ((وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ)).
وهو من أعظم صفات المرسلين كما ورد في القرآن:
- عن سيدنا إبراهيم عليه السلام: ((شَاكِرًا لِّأَنْعُمِهِ)).
- عن سيدنا نوح عليه السلام: ((إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا)).
قالها سيدنا محمد صلى الله عليه وسلّم عن نفسه في حديثه مع السيدة عائشة رضي الله عنها: “أفلا أكون عبدا شكورا؟”
- أسباب استمرار النعم لقوله تعالى ((لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ)).
- يعطي أعلى المنازل كما ورد في الحديث الشريف ” الطاعم الشاكر بمنزلة الصائم الصابر” و جاء في الأثر ” مَنْ لَمْ يَشْكُرِ النِّعَمَ فَقَدْ تَعَرَّضَ لِزَوالِها، وَمَنْ شَكَرَها فَقَدْ قَيَّدَها بِعِقالِها”.
- تجلب المنفعة لصاحبها، ((وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ)).
وكانت من وصايا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلّم لمن يحبهم، وعن مُعَاذٍ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُول اللَّه ﷺ، أَخَذَ بِيَدِهِ وَقالَ: “يَا مُعَاذُ واللَّهِ إِنِّي لأُحِبُّكَ، ثُمَّ أُوصِيكَ يَا مُعاذُ لاَ تَدَعنَّ في دُبُرِ كُلِّ صلاةٍ تَقُولُ: اللَّهُم أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ، وحُسنِ عِبَادتِك”.