دروس من الهجرة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا هجرة بعد الفتح، ولكن جهاد ونية)، لا هجرة بغير تضحية.
من صور الهجرة المطلوبة منا:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (عبادة في الهرج كهجرة إليّ).
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (والمهاجر من هجر ما حرّم الله عليه).
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (والمهاجر من هجر الخطايا والذنوب).
آية الهجرة نزلت في العام التاسع، يوم تبوك.
الهجرة:
- هجران ما يكره.
- إتيان ما يحب.
الهجرة بذل وإنفاق، إيمان بلا إنفاق نفاق.
دروس من الهجرة:
في كل عام نقف مع ذات المناسبات، لكننا حتماً نشعر لها بقيمة جديدة لأننا فعلاً تغيّرنا عن العام الماضي.
الهجرة ليست حدثاً من أحداث السيرة التي يجب أن نقف معها ونتعلم منها.
الهجرة موسم نؤدي فيه واجبات المناسبة وحقوقها، وهي هنا ليست صيام أو حج أو مناسك.
الهجرة المطلوبة هي نقاط مرجعية، ومنارات سلوكية، وقمم تحتاج همم لبلوغها.
13 عاماً والنبي يعدّ أصحابه للنجاح بهكذا منعطف حاسم وهام، والنتائج ظهرت في أصحابه.
من أبطال الهجرة:
الهجرة مناسبة مشهودة وذكرى عزيزة في مسيرة آل أبو بكر الصديق رضوان الله عليهم أجمعين.
سيدنا أبو بكر، زوجته، وابنه عبد الله، وابنته أسماء، وابنته عائشة، وغلامه، نتعلم منهم التضحية بكل شيء ، التحمل والصبر والبذل، الوقوف مع الزوج، الأدوار في الظل، المخاطرة في سبيل الدين، غرس الثقة فيمن حولنا.
المحبة الصديقيّة:
“إنه قد انقطع الوحي وتمّ الدين، أينقص وأنا حي؟!”
“او اطيعه حيّا، وأعصيه ميتاً”
(أو تحب أن يكون فيك)، (فشرب حتى ارتويت).
3 أيام في الغار، (إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ) لا يستثنى من هذه الآية إلّا أبا بكر، نزلت في السنة 8 للهجرة في جيش العسرة.
(ما لأحد عندنا يد إلا وقد كافيناه به ما خلا أبا بكر).
من أبطال الهجرة:
علي بن أبي طالب الذي نام في فراش النبي صلى الله عليه وسلم، ونتعلم منه معنى الفداء، ودليل على حسن التربية والوفاء.
قد ينفع الأدب الأولاد في صغر وليس ينفعهم من بعده أدب
إن الغصون إذا عدلتها اعتدلت ولا يلين إذا عدلته الخشب
من أبطال الهجرة:
آل أبو سلمة، الذي كان أول من هاجر؛ امتثالاً للأمر وفراراً بدينه وبناءً لقاعدة الإسلام الجديدة.
على الهامش: ما حصل مع أم سلمة بعد وفاته (بركات السنة).
من أبطال الهجرة:
سيدنا صهيب الذي نال وساماً في هذه الحادثة ولم يذكر كثيراً في غيرها، (ربح البيع أبا يحيى).
من أبطال الهجرة:
سراقة بن مالك، حاول فعل أسوأ جريمة في التاريخ، فخرج أول النهار يطلب دمه، فلما رأى وسمع ونال أثرا صار مدافعا، ومما قال:
أبا حكمٍ، والله لو كنت شاهداً لأَمرِ جوادي إذ تسيخ قوائمه
لعلمتَ، ولم تشكك بأن محمداً رسول ببرهانٍ، فمَن ذا الذي يقاومه
وبعد غزوة حنين خرج سراقة ليلاقي النبي وفي يده كتاب الأمان، وقال له: يا رسول الله هذا كتابك، فقال النبي: (يوم وفاء وبر)، فأسلم سراقة.
ومنه تعلمنا اليقين بانتصار الدين ولو بعد حين، قال تعالى: (وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ)، وقال: (إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا)، وقال: (قُلْ عَسَىٰ أَن يَكُونَ قَرِيبًا).
من رموز الهجرة:
حمزة بن جندب: قال لأهله احملوني فأخرجوني من أرض المشركين، فمات في الطريق، فنزل فيه قوله تعالى: (وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا).
مهاجر أم قيس: الذي اشترطت له أم قيس أن يهاجر ليتزوّج بها، فهاجر، فلم يأخذ من أجر الهجرة.
لم ينوي، وسعى، وبلغ، لكن لم يقبل منه.
سيدنا عمر بن الخطاب: هجرة غير اعتيادي (نصر وعز)، راوي حديث النية والإخلاص والهجرة.
دروس من الهجرة:
سيدنا عمر كان له موقف خاص مع الهجرة، شأنه شأن جميع مواقفه.
من أول يوم أسلم فيه كان التغيير وإظهار القوة (أول ظهور للمسلمين في مكة، (إسلامه فَتْح)).
موقفه يوم الهجرة:
هاجر علنا؛ لأن الهجرة عنده نصر وعزّة.
هاجر بمعيته 20 بيت من المسلمين، حيث كان لهم مثل قنبلة دخان.
قصته مع صديقه (عيّاش).
وصوله إلى المدينة كان فرحاً ونصراً (هجرته نصر).
حديث النية والإخلاص والهجرة، (إنَّما الأَعمالُ بالنِّيَّات، وإِنَّمَا لِكُلِّ امرئٍ مَا نَوَى…) هو راويه الوحيد، وكأنه كان في حوار مع النبي.
ولما أراد التأريخ للمسلمين جعل العلامة الفارقة “الهجرة”، فهو فهم الهجرة بطعم خاص ومعنى مميّز.
استعدادات المهاجر (تحديد الوجهة، رسم خطة، الأخذ بالأسباب):
يحتاج المهاجر إلى:
- زاد: كالذي قال عنه ابن القيم: “من لم يحصل الزاد فلا يخرج من بيته وليقعد مع الخالفين”.
وخير الزاد ما قال عنه رب الأرباب: (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ)، وهي تالية للتوبة النصوح والتمسك فيما أمرنا به رسول الله (الاستقامة): (تركت فيكم ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا ، كتاب الله وسنتي).
- راحلة: وراحلتك (نفسك) التي تحتاج أن تضع لها زماماً وتوجهها.
- الطريق: وهو طريق العبادة والسير إلى الله الذي نسير فيه.
- دليل: لا تسلكن طريقا لست تعرفها بلا دليل فتغوى فى نواحيها.
- رفقة: فلا بدّ للمسافر من رفقة يصحبها، كما فعل نبينا عليه السلام عندما اتخذ أبا بكر رفيقاً له، وكما منّ الله على كليمه موسى، وقال له: (سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ).
كيف لا ولا غنى عنهم !
ومَا المَــرْءُ إلا بإخْوَانِــــهِ كَمَا يَقبِضُ الكَفُّ بالمِعْصَمِ
ولا خَيْرَ في الكَفِّ مَقْطُوعةٌ ولا خَيْرَ في السَّاعِدِ الأوحد
ولكن أي صحبة نريد ؟
(رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ) و(وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ).
ولا يكون مثل: (يَا وَيْلَتَىٰ لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا) في يوم حين لا ينفع الندم (وَلَن يَنفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذ ظَّلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ).
- أما للصرة والدواء: فلا تحتاج لصرة الذنوب التي تثقل ظهرك وتبطّئ سيرك فامحها بالاستغفار.
واحرص على أخذ دواء نافع يساعدك، ويكفيك القرآن، قال تعالى: (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ).