سعد بن معاذ
سيد الأوس
إسلامه:
أسلم على يد سفير المدينة سيدنا مصعب بن عمير، كان شاباً طويلا جسيما في الثلاثينيات من عمره، كان يهم بطرد المسلمين من المدينة، حين قال أسعد بن زرارة لمصعب بن عمير جاءك سيد قومه إن يتبعك لا يتخلف عنك منهم اثنان، فقال له مصعب أوتقعد فتسمع فإن رضيت أمرا ورغبت فيه قبلته وإن كرهته عزلنا عن ما تكره، فقال أنصفت.
ثم سمع حتى قال كيف تصنعون إذا أنتم أسلمتم ودخلتم في هذا الدين، قالوا: نجعله يغتسل ويطهر ثوبه ويقول الشهادتين، ثم جمع بني عبد الأشهل، وقال لهم: ان كلامكم علي حرام حتى تؤمنوا بالله ورسوله فما أمسى إلا ودخلوا جميعا في الاسلام.
يوم بدر:
هو الذي قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم لعلك تعنينا يا رسول الله قد آمنا بك وصدقناك.
يوم احد:
استشهد أخوه عمر فعزّاه رسول الله، فقال: أما إذا رأيتك سالما فقد اشترتيت المصيبة، وسمع النبي يقول عن حمزة أما حمزة فلا بواكي له، فأحضر نساء بني عبد الأشهل.
وفي بني النضير، قال: في الغنائم بل تقسم في المهاجرين، ويكونون في دورنا كما كانوا.
في الخندق:
ارسله رسول الله صلى الله عليه وسلم مع سعد بن عبادة ليعرف خبر غدر يهود بني قريظة، ولما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصالح غطفان، استشار سعد.
وأُصيب في مناوشات مع المشركين، ثم حمل الى خيمة رفيدة في المسجد النبوي ورسول الله صلى الله عليه وسلم يعوده و أبو بكر و عمر، تقول السيدة عائشة رضي الله عنها: والذي نفس محمد بيده إني لأعرف بكاء أبي بكر من بكاء عمر وإني لفي حجرتي، كما قال تعالى: (رحماء بينهم)، وحكم سعد في يهود بني قريظة.
وفاته:
وبعد أيام انفجر جرحه فأسرع رسول الله صلى الله عليه وسلم واعتنقه، ودم سعد ينضح في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولحيته، ويقول جزاك الله خيرا من سيد قوم فقد أنجزت ما وعدت وليجزينك الله ما وعدك، (اللهم ان سعدا قد جاهد في سبيلك وصدق رسولك وقضى الذي عليه فتقبل روحه بخير ما تقبلت به روحا)، وكان آخر ما قاله سعد: السلام عليك يا رسول الله، أما إني أشهد أنك رسول الله.
ونزل جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم في جوف الليل، وقال: من هذا العبد الصالح الذي فُتحت له أبواب السماء واهتز له العرش؟ فهرع رسول الله صلى الله عليه وسلم يجرُ ثوبه، فدخل عليه وجلس عنده ساعة ثم خرج، وقال: ما قدرت على مجلس حتى قبض لي ملك من الملائكة أحد جناحيه فجلست.
هنيئا لك أبا عمر هنيئا لك أبا عمر هنيئا لك أبا عمر.
وشاركهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حمل الجنازة وما رأوا أخف منها رغم أنه كان بادنا.
وحدّث أبو سعيد الخدري، فقال: كنت ممن حفر لسعد قبره في البقيع وكان يفوح علينا المسك كلما حفرنا حفرة من تراب حتى انتهينا الى اللحد، ورشّ رسول الله صلى الله عليه وسلم الماء على قبره وجلّله بثوبه.
ولما دُفن قال رسول الله صلى الله عليه: هذا الذي تحرك له العرش وفتحت له أبواب السماء، شهده سبعون ألف ملك لقد ضم ضمة ثم فرج عنه، إن للقبر ضغطة لو كان أحد ناجيا منها لنجا سعد بن معاذ.
ورجع المسلمون، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي ودموعه تنحدر على لحيته، وأبو بكر يقول: وا انكسار ظهراه، فنهاه النبي صلى الله عليه وسلم، وعمر يقول: إنا لله وإنا إليه راجعون.
واخذت امه تقول: ويل أم سعد سعدا صبرا فيه وحدّا، وسؤددا ومجدا وفارسا معدّا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كل نائحة تكذب إلا أم سعد، ثم قال لها: لا يرقأ دمعك ويذهب حزنك فإن ابنك أول من ضحك الله اليه واهتز له العرش.
ومرة ذكر الأصحاب ديباجا منسوجا بالذهب فجعلوا ينظرون إليها ويمسكونها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتعجبون من هذه الجبة، قالوا ما رأينا أحسن منها قط، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لمناديل سعد بن معاذ في الجنة أحسن مما ترون.
أهي لمبادراته؟
أم حبه لرسول الله صلى الله عليه وسلم؟
أم غيرته على الدين واستعلاء إيمانه؟
أم علاقته مع الله تعالى واستجابة دعائه؟ “عبدي كن لي كما أريد أكن لك كما تريد”