عمرو بن الجموح
المشتاق إلى الجنة
قصة إسلامه:
في حي من أحياء المدينة المنورة جلس فتية من الأنصار آمنوا بالله وبايعوا رسوله هم: معاذ ومعّوذ وخالد أبناء سيد من سادات بني سلمة وشريف من أشرافهم هو عمرو بن الجموح ومعهم صاحبهم من أبناء الانصار هو معاذ بن جبل جلسوا يفكرون بطريقة تسوق أباهم الى النبي ليسلم فقد بقي على وثنيته ومصرّا عليها حتى وصلوا إلى خطة راشدة حكيمة.
الإسقاطات:
- الصحبة الصالحة تسوق وتساعد على الخير.
- لا نستهين بأنفسنا ونعمل على تنفيذ هدفنا.
- التفكير بالغير ونتمنى لهم ونساعدهم على تحقيق الخير لهم كما حققناه لانفسنا.
- استخدام عدة أساليب في الإقناع وتغيير الرأي وعدم التشبث بأسلوب واحد.
- التخطيط للعمل من دواعي نجاحه ومعرفة مع من نخطط.
- كتمان الخطط سر من أسرار نجاحها.
كان لعمرو صنم من الخشب وله قدسية عظيمة في نفسه، فلما أتى الليل ودّع عمرو صنمه ودخل لينام وكان المعاذان يترقبان تلك اللحظات بفارغ الصبر فلما اطمأنا، دخلا على الصنم وحملاه وطرحاه منكس الرأس في حفرة يلقي الناس فيها الأقذار، فلما أصبح عمرو دخل على صنمه ولم يجده فانتفض غاضبا: “ويلكم من عدا على آلهتنا ؟”، ثم راح يبحث عن صنمه فوجده مطروح في الأقذار فحمله وغسله واعتذر إليه.
كرّر الفتية ما فعلوا أول مرة، وهو يغدو كل يوم يغسله و يطيبه، فلما ضجر عمرو من هذا الشيء، جاء بسيف وعلّقه عليه وقال له: إني والله لا أعلم من يصنع بك ذلك! فإن كان فيك خير فامتنع، فهذا السيف معك!!
فلما أتى الليل جاء المعوذان و أخذا السيف من عنقه ثم أخذا كلبا ميتا فقرناه بحبل وألقياه في بئر من آبار بني سلمة مليئة بالأقذار، فلما غدا عمرو في اليوم التالي إلى صنمه ووجده مقرونا بكلب ميت وسط الأقذار وقف لحظة يفكر واستغل أناس أسلموا من قومه تلك اللحظات و أقبلوا يحدثونه عن محمد صلى الله عليه وسلم، هناك حضر رشده وشرح الله صدره للإسلام فأسلم.
الإسقاطات:
- المراقبة وعدم الملل النجاح العمل.
- الصبر والاجتهاد والمثابرة على العمل.
- استغلال الفرص وعدم تضييعها.
- بالرغم من أنه لم يكن مسلما بعد فقد كان للإله مكانة وقدسية عظيمة.
- لا بدّ من الشجاعة والإقدام وعدم الخوف من أجل تحقيق الهدف.
- العبودية تكون لله وحده ففي أيامنا أشكال كثيرة منها المال والهوى.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: “تعس عبد الدينار والدرهم والقطيفة والخميصة”.
شهادة النبي لعمرو:
كان النبي جالسا مع بني سلمة يسألهم: “من سيدكم يا بني سلمة؟” قالوا: الجيد بن قيس، و لكنّا نبخله، فقال صلى الله عليه وسلم: “وأي داء أدوأ من البخل ؟! ولكن سيدكم عمرو بن الجموح”، لقد كان عمرو يستحق السيادة إذن بشهادة رسول الله.
الإسقاطات:
- الكرم خلق ممدوح في الإسلام و يجعل الإنسان شأن ومكانة في المجتمع.
مشاركة عمرو في الغزوات:
في العام الثاني للهجرة تجهز المسلمون لملاقاة المشركين في بدر، فاعترض ابناؤه الأربعة، وهم الذين لم يفتهم مشهد مع النبي صلى الله عليه وسلم، رحمةً به إذ كان أعرج شديد العرج وقد رخص الله سبحانه لأمثاله بقوله تعالى: (لَّيْسَ عَلَى الْأَعْمَىٰ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ)، فقعد عمرو مرغما ولم يشارك في بدر.
الإسقاطات:
- بالرغم من عجزه ولكنه كان يريد التضحية والإقدام ولولا أبناؤه لخرج.
- هو لا يستطيع الخروج في سبيل الله ولم يمنع أولاده مع قدرته على ذلك فضحى بأولاده.
لما كانت غزوة أحد نهض ابن الجموح مصرّا على الخروج فحاول ابناؤه منعه فقال لا تمنعوني الخروج الى أحد، فقالوا: إن الله عزّ وجل قد عذرك.
فجاء عمرو بن الجموح النبي صلى الله عليه وسلم ومعه أبناؤه يحتكمون، فقال عمرو: “إن بنيَّ يُريدون أن يحبسوني عن هذا الوجه والخروج معك فيه، فولله إني لأود أن أطأ بعرجتي هذه في الجنه.. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: “أما أنت فقد عذرك فلا جهاد عليك، ثم التفت صلى الله عليه وسلم إلى بنيه فقال لهم: “ما عليكم ألا تمنعوه، لعل الله أن يرزقه الشهادة”.
فاختار عمرو بن الجموح إذن النبي له وحمل سلاحه وانطلق معهم وعلى مشارف أحد استقبل القبلة ودعا قائلا: “اللهم ارزقني الشهادة ولا تردني إلى أهلي خائبا، واحتدم القتال ولكن عمرا لم يستسلم ولكنه كان صحيح العقيدة وصادق الطلب واستجاب الله دعاءه ولم يرده خائبا وكذلك ابنه خّالد و مولاه أيمن، وقف النبي عنده وقال: “فإني أراك تمشي برجلك هذه صحيحة في الجنة”.
الإسقاطات:
- المثابرة وعدم التخاذل وصدق النية كانت سببا في استشهاده وقبول عمله.
- بالرغم من أن له رخصة بعدم الخروج إلا أنه لم يتقاعس وذهب الى النبي وأخذ إذنه.
- طريقة المحاورة بين الأب والابن والنقاش من قواعد وشريعة الإسلام.
وكان النبي يتفقد مع ابو بكر بقية الشهداء فقال النبي عن شهداء أحد: “هؤلاء أشهد عليهم”، ويسأله أبو بكر لم لا يشهد عليهم أيضا، فيقول: ألسنا يا رسول الله إخوانهم أسلمنا كما أسلموا وجاهدنا كما جاهدوا؟! فقال: “بلى، ولكن لا أدري ما تحدثون من بعدي”، فبكى أبو بكر ثم بكى وقال: أئنا لكائنون بعدك؟!
الإسقاطات:
- يشجع هذا الحديث الناس على مراقبة نفسه وإلى عمل مزيد من الطاعات والصحو والمراقبة، ليحافظ على شريعة الله.
- يبث هذا الحديث القلق في نفس المؤمن إذ أن النبي قالها للجماعة التي صاحبته فما بالنا نحن!
يشرف النبي على دفن أصحابه و يأتي دور ابن الجموح فيقول: “ادفنوا عبدالله بن عمرو وعمرو بن الجموح في قبر واحد لما كان بينهما من الصفاء”، “ادفنوا هذين المتحابين في الدنيا في قبر واحد”.
بعد مضي 46 سنة على دفنهما، يُكشف القبر بسبب إصابة حدثت للمكان، فيراهما جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام، كأنهما نائمان و عليهما الأكفان لم يتغير من حالهما شيء، واجتمع الصحابة ليحولوا قبرهما إلى مكان آخر فأخرجوهما، فإذا هما كأنما دُفنا بالأمس رطبين ينثنيان.
ولا عجب فالشهداء عند ربهم يرزقون..