في عَشْر المُحبّين

قالوا: للمحبة رجال
ما تركوا في قلوبهم لغير محبوبهم مجال

فما في الحب عضو ولا جارحةٍ
إلا وعليه شواهد المحبة لائحة.

فالألسن قد شغلها أنيس
(فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ)

والأسماع منصتة لاستماع كلام الحبيب
(وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي، فَإِنِّي قَرِيبٌ)

والأبصار شاخصة لانتظار
(وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ)

والأبدان قائمة بوظيفة
(إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)

والقلوب مرتبطة برابطة
(يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ)

والأرواح ترتاح لأذكار
(فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ)

فما للعارف غفلة عن مشهوده
ولا للعابد غفلة عن معبوده.

وقد قال قائلهم:

لما علمت بأن قلبي فارغ
ممن سواك ملأته بهواك

وملأت كلي منك حتى لم أدع
مني مكانا خالياً لسواك

هذا هو حال خواص المحبين الصادقين
فإنه من امتلأ قلبه من محبة الله لم يكن فيه فراغ لشيء من إرادات النفس والهوى، وإلى ذلك أشار القائل بقوله:

أروح وقد ختمت على فؤادي…
بحبك أن يحل به سواكا

فلو أني استطعت غضضت طرفي…
فلم أنظر به حتى أراكا

أحبك لا ببعضي بل بكلي…
وإن لم يبق حبك لي حراكا

وفي الأحباب مخصوص بوجد…
وآخر يدعي معه اشتراكا

إذا اشتبكت دموع في خدود…
تبين من بكا ممن تباكى

فأما من بكى فيذوب وجدًا…
وينطق بالهوى من قد تشاكا…

ورحم الله من قال:

تَرَحَّلَ العشَّرُ الثاني وَاااالَهْفَاهُ وَانْصَرَمَا وَاخْتَصَّ بِالْفَوْزِ فِي الْجَنَّاتِ مَنْ خَدَمَا

وَأَصْبَحَ الْغَافِلُ الْمِسْكِينُ مُنْكَسِرًا مِثْلِي فَيَا وَيْحَهُ ، يَا عُظْمَ مَا حُرِمَا

مَنْ فَاتَهُ الزَّرْعُ فِي وَقْتِ الْبِدَارِ فَمَا تَرَاهُ يَحْصُدُ إِلاَّ الْهَمَّ وَالنَّدَمَا

اللهم لا تجعلنا من النادمين
وأكرمنا بكرمك في هذه العشر يا كريم
وافتح لنا أبواب فضلك، وأَسْبَغ علينا جليل نعمك وأوزعنا شكرك حق شكرك.