قراءة القرآن في رمضان

الحمد لله الذي أنزل القرآن ، والصلاة والسلام على المعلّم العدنان وعلى آله وأصحابه وتابعيهم إلى يوم القيام وبعد،

    فسنزور اليوم جامع العبادات الكبير لنعيش في هذا الشهر الفضيل مع عبادة ترتبط بشهر رمضان أجمل ارتباط ، ففيه بدأت وفي أحد ايامه سطع نورها في الكون فزيّنت شهر رمضان كله بنورها حيث  لا يشعر المؤمن بتجليات رمضان بعد الصيام الا مع القرآن ودراسته ، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة ، يقول الصيام : أي رب منعته الطعام والشهوات بالنهارفشفعني فيه ، ويقول القرآن منعته النوم بالليل فشفّعني فيه قال: فيشفعان)

ولكن هل ندرك حقّا قيمة القرآن ؟ أم ينطبق علينا قول الشاعر:

ومن العجائب والعجائب جمّة      قرب الدليل وما إليه وصول

كالعيس في البيداء يقتلها الظما    والماء فوق ظهورها محمول

وهو الحال الذي شكى منه الرسول فقال (( وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورًا))

وكأن كلمة (تخذوا) تعني أنهم اقتنوه فعلاً وحفظوه بركةً في مكتباتهم وسياراتهم لكنهم هجروه حالاً وفهماً وتطبيقًا.

بينما المؤمنون الحقيقيون هم (( الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته أولئك يؤمنون به))

لأنه وسيلة عودة الإيمان وزيادته حين نقرؤه ونتدبّر آياته ((وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً))

بل وتسري في الاجساد هزة منه (( الله نزّل أحسن الحديث كتابًا متشابهًا مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله))

و لا تظن أنه لا ينفع ولا يغيّر فالله تعالى يقول (( لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعًا متصدّعًا من خشية الله)) فكما يؤثر في الجبال الصماء فهو أولى بالتغيير والتأثير في قلب المسلم الصادق .

وكان مجرد الاستماع للقرآن يورث هيبة وخشية

(( إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرّون للأذقان سجدًا () ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولاً() ويخرّون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعاً))

(( وإذا تتلى عليهم آيات الرحمن خرّوا سجدًا وبكيًّا))

وعاب على من لا يتأثر به (( فما لهم لا يؤمنون وإذا قُرئ عليهم القرآن لا يسجدون))

بل حتى المشركين رأيناهم عندما قرأ عليهم رسول الله يومًا سورة النجم وختم قراءته بقوله تعالى ((فاسجدوا لله واعبدوا)) وسجد ، كيف سجدوا معهم كلهم تأثرًا وحالاً.

وهو روح تسري في أرواحنا فتحيي القلب كما قال عنه المولى جل وعلا (( وكذلك أوحينا إليك روحًا من أمرنا))

وتنير البصيرة (( ولكن جعلناه نورًا نهدي به من نشاء من عبادنا ))

((قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم))

ودواء للقلب (( يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين))

ويوضح الرؤية (( ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل لعلهم يتذكرون))

ومصدر تعلّم (( ونزلّنا عليك الكتاب تبيانًا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين))

وباب للربانية (( ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلّمون الكتاب وبما كنتم تدرسون))

وبوصلة الطريق المستقيم ((إن هو إلا ذكر للعالمين لمن شاء منكم أن يستقيم))

وهو نور الهداية (فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى))

وسبب سعادة لا شقاء ((ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى))

((يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورًا مبينًا فأما الذين آمنوا بالله واعتصموا به فسيدخلهم في رحمة منه وفضل ويهديهم إليه صراطًا مستقيمًا))

وهو الأمان من الفتن كما في الحديث الصحيح أن حذيفة بن اليمان سأل النبي صلى الله عليه عن المخرج من الفتن فقال : (تعلّم كتاب الله عز وجل واعمل به فهو المخرج من ذلك ) وفي رواية (تعلّم كتاب الله عز وجل واعمل به فهو النجاة)

يقول الإمام البخاري رحمه الله ” لا يجد طعمه إلا من آمن به”

ولبلوغ ذلك الإيمان لا بدّ للمسلم من :

  • الإيمان بأنه كلام الله المقدّس
  • التعبّد بتلاوته
  • العمل بما فيه بتحليل حلاله وتحريم حرامه
  • ومما يزيد تعلّقنا بهذا الكتاب العظيم التعرّف على أوصافه والتدبّر بأنه نور ، برهان ، رحمة، موعظة ، بصائر
  • وكذلك القراءة عنه وعن قيمته من أمثال كتب (كيف نتعامل مع القرآن ، مدخل غلى الدراسات القرآنية، النبأ العظيم ، أخلاق حملة القرأن ، البيان والتبيان)
  • القراءة بصوت جميل
  • الفهم الإجمالي للآيات وأسباب النزول
  • التعامل معه على أنك المخاطب منه
  • ترداد آياته واتخاذها شعارات في الحياة
  • حفظ آياته في القلب

نسأل الله عزجل أن يجعل شهر رمضان شهر صلة مع القرآن وصلح معه

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.