قراءة في تاريخ العرب
بسم الله الرّحمن الرّحيم
- من الجزيرة العربيّة كان المهد الأوّل للعرب، وبالتّالي المهد الأوّل للحضارة الإنسانيّة، ومنها خرجت هجراتهم.
- أمّا لفظ (العرب) فقيل أنّ معناها الأرض الدّاكنة أي المغطّاة بالكلأ وقيل أنّ يعرب بن قحطان أوّل من سجع اللّغة العربيّة ونطق بأفصحها وقيل أنّ (عرب) تعني الماء الكثير الصّافي، والأعراب الّذين لا ماء عندهم فيعربون إلى مساقط الغيث ومكان الماء.
- ولفظة عربيّ وردت في القرآن (١١) مرّة نعتاً للقرآن الكريم ونعتاً للرّسول { وَلَوۡ جَعَلۡنَٰهُ قُرۡءَانًا أَعۡجَمِيّٗا لَّقَالُواْ لَوۡلَا فُصِّلَتۡ ءَايَٰتُهُۥٓۖ ءَا۬عۡجَمِيّٞ وَعَرَبِيّٞۗ قُلۡ هُوَ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ هُدٗى وَشِفَآءٞۚ وَٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ فِيٓ ءَاذَانِهِمۡ وَقۡرٞ وَهُوَ عَلَيۡهِمۡ عَمًىۚ أُوْلَٰٓئِكَ يُنَادَوۡنَ مِن مَّكَانِۢ بَعِيدٖ } سورة فصّلت (٤٤)، أي قرآن أعجميّ وبني عربيّ.
- وفي الحديث الشّريف وردت ( أيّها النّاس إنّ الرّب واحد والأب واحد، كلّكم لآدم وآدم من تراب وليست العربيّة من أب أو أمّ، إنّما هي اللّسان، فمن تكلّم العربيّة فهو عربيّ ).
طبقات العرب:
يقسّم المؤرّخون العرب إلى طبقتين: العرب البائدة والعرب الباقية.
- العرب البائدة هم العرب الّذين بادوا وانقطعت أخبارهم ومنهم القدماء الّذين استقرّوا في الجزيرة العربيّة:
- كقوم عاد: عاشوا بعد قوم نوح في الأحقاف بين الرّبع الخالي وحضر موت، نبيّهم هود، نهايتهم ريح صرصر عاتية وانتقل بعدها إلى حضر موت.
- قوم ثمود: عاشوا في الحجر، بين الشّام والحجاز، وتعرف بمدائن صالح واشتهروا بإنشاء المباني المنحوتة بالصّخر، نبيّهم صالح عليه السّلام وكانوا (٢١٠٠) ق.م وأُهلكوا بالصّيحة، وانتقل سيّدنا صالح إلى الرّملة بفلسطين.
- قوم مدين: عاشوا قرب تبوك والعقبة، نبيّهم شعيب عليه السّلام عام (١٥٥٠) ق.م عاقبهم الله بالصّيحة.
- القدماء الّذين هاجروا خارج الجزيرة العربيّة:
- إلى بلاد الرّافدين (٣٥٠٠) ق.م:
- الأكّاديّون: استقرّوا جنوب بلاد الرّافدين، عاصمتهم أكّاد، قضوا على المملكة السّومريّة عام (٢٤٠٠) ق.م، كانت نهايتها (٢٢٥٩) ق.م.
- الآشوريّون: شمال بلاد الرّافدين، عاصمتهم آشور، شكّلوا الدّولة الآشوريّة (١٣٩٢) ق.م، حكموا من جبال – إلى شواطئ البحر المتوسّط وجعلوا عاصمتهم نينوى، وكان بينهم يونس عليه السّلام، أشهر ملوكهم آشور بنيبال، نهاية دولتهم (٦١٢) ق.م.
- إلى بلاد النّيل:
- الّذين عرفوا بالمصريّين القدماء، حكموا بين (٣٢٠٠-٣٣٢) ق.م، تعرّضوا لهجوم العكوس (الملوك الرّعاة) وهم عرب هاجروا من سوريّا وفلسطين عام (١٨٠٠)، انتهت دولتهم (٣٣٢) ق.م بدخول الاسكندر المقدونيّ.
- وضعوا التّقويم الشّمسيّ، الكتابة التّصويريّة الهيروغولوفيّة، اشتهروا بالحساب والهندسة والسّحر والبناء (الأهرامات).
- في عهد الفراعنة (الدّور الثّاني) وصل سيّدنا إبراهيم عليه السّلام إلى مصر وعاش يوسف عليه السّلام في الدّور الثّالث (١٧٠٧) ق.م وكانت مرحلة سيّدنا يوسف (١٤٥٠) ق.م.
- الموجة الثّانية: (٢٥٠٠) ق.م
- العمّوريّون: هم الّذين سكنوا غرب العراق، أسّسوا ممالك ماري (البوكمال)، إيبلا (تل مردغ في حلب)، ومملكة حلب ودولة حوران جنوب سوريّا ودولة حسبان في الأردنّ، أنبيائهم أيوب عليه السّلام (١٥٠٠) ق.م أهل حوران وذو الكفل (١٤٧٠) ق.م دمشق، واليسع (٨٣٠) ق.م فلسطين وجوبر في الشّام.
- البابليّون: (٢٢٠٠) ق.م من الجزيرة العربيّة واستقرّوا في فلسطين وشرق الأردنّ، عُرفت بعدها بأرض كنعان، أسّسوا عدّة ممالك منها: يبوس (القدس)، بيت شان (بيسان)، شكيم (نابلس)، جدون (الخليل)، أدوم (البحر الميّت)، من أنبيائهم سيّدنا لوط عليه السّلام (١٨٠٠) ق.م، ثمّ بعث جاء الاسكندر المقدونيّ (٣٣٣) ق.م، ثمّ بعث زكريّا (٢) م، يحيى (٢٨) م، عيسى (٢٩) م، بقي المسيحيّون فيها إلى أن فتحها عمر بن الخطّاب (٦٣٧) م.
يعقوب هاجر من كنعان إلى حرّان في العراق (١٧٥٠) ق.م، ثمّ دخلوا مصر زمن يوسف عليه السّلام وخرجوا منها، وبعد موسى وهارون كان يوشع بن نون الّذي عبر نهر الأردنّ إلى فلسطين، ثمّ كان داوود الّذي أسّس مملكته في القدس، ثمّ سليمان، ثمّ تقسّمت مملكته سامرة في الشّمال (١٠٠٠) ق.م، ويهوذا في الجنوب (أورشليم).
- الفينيقيّون: سكنوا السّاحل السّوريّ وفلسطين، أسّسوا ممالك أشهرها مملكة أوغاريت (اللّاذقية)، بيبلوس (جبيل)، صيدون (صور)، أرادوس (أرواد)، اخترعوا الأبجديّة، كانوا سادة البحر المتوسّط، من أنبيائهم إلياس (٨٧٨) ق.م (بعلبك)، اليسع (بانياس).
- العكوس إلى مصر (١٨٠٠) ق.م
- الآراميّون: من القبائل العربيّة الّتي سكنت وسط وشمال سوريّا، أسّسوا ممالك منها مملكة حماة (١١) ق.م، مملكة دمشق (٩) ق.م، أشاعوا الألف باء، استعملوا الحبر والورق في الكتابة وليس الطّين.
- الكلدانيّون: هاجروا من الجزيرة إلى العراق، أشهر ملوكهم نبوخذ نصّر (٥٦٢) ق.م، الّذي قضى على مملكة يهوذا في فلسطين.
- هجرة الأنباط والتدمريّين (٥٠٠) ق.م.
- هجرة اللخميّين (المناذرة) والغساسنة (١٥٠) ق.م.
- الأنباط: نسبهم إلى نابت بن اسماعيل عليه السّلام، كانت البتراء عاصمتهم، عملوا في التّجارة واشتهروا بالبناء، يعتبر الخطّ النّسخيّ مطوّراً عن الخطّ النّبطيّ.
- دولة تدمر: استقرّوا في بادية الشّام في تدمر، واسمها عند الإغريق بالميرا، كانت محطّة قوافل تجاريّة، أشهر ملوكها أذينة وزوجته زنّوبيا الّتي احتلّت مصر.
- المناذرة: من عرب الجنوب – في اليمن، هاجروا بعد تصدّع سدّ مأرب، أشهر ملوكهم النّعمان بن المنذر وأشهر معاركهم ذي القار الّتي انتصر فيها العرب على الفرس 604م حتّى فتحها خالد بن الوليد.
- الغساسنة: أيضاً بعد انهيار سدّ مأرب، كانت بصرى الشّام عاصمتهم ثمّ الجابية جنوب دمشق، آخر ملوكهم جبلة بن الأهم الّذي تنصّر زمن عمر بن الخطّاب وندم وقال:
تنصّرت الأشراف من عار لطمة
وما كان فيها لو صبرت بها ضرر
- كندة: أشهر ملوكهم الحارث بن عمرو الكندي وآخرهم امرؤ القيس الشّاعر.
- عرب جنوب اليمن:
- دولة معين: (١٣٠٠-٦٣٠) ق.م، استعملوا الأبجديّة والحساب.
- دولة سبأ: وأشهر ملوكهم الملكة بلقيس وأشهر أنبيائهم سليمان عليه السّلام.
- دولة حميّر: (١١٥) ق.م – (٥٢٢) م، أشهر ملوكهم تُبّع وآخر ملوكهم ذو نواس صاحب الأخدود، ثمّ حكمهم أبرهة الأشرم القادم من الحبشة حتى بادوا.
وهؤلاء جميعاً هم العرب البائدة أما العرب الباقية فيصنفّون إلى قسمين:
- عرب عاربة وهم القحطانيّون.
- عرب مستعربة وهم العدنانيّون.
- يرى بعض الباحثين أنّ تقسيم العرب إلى قحطانيّة وعدنانيّة.
- لم يرد في الشّعر الجاهلي، ولم يجرِ الحديث عنه خلال عصر النّبوّة والخلافة الرّاشدة، وإنّما بدأ الحديث عنها في العصر الأموي، ويرى بعضهم أنّ تقسيم العرب الباقية إلى عرب عاربة وعرب مستعربة.
- (أسطورة) ذكرها بعض المؤرّخين فدرجت، بل إن اللّغة العربيّة كانت اللّغة الأمّ، الّتي انبثق عنها اللّهجة الأكّاديّة بفرعيها البابليّة والآشوريّة والمصريّة والعمّوريّة والكنعانيّة والآراميّة والنّبطيّة والثّموديّة والعدنانيّة (وهي الفصحى الّتي نعرفها) والسّريانيّة إنّما بلهجات وإضافات ونموّ طبيعيّ تعرفه كلّ اللّغات والحضارات.
- وعليه، فاللّغة العربيّة هي أمّ اللّغات ولطالما كان العرب أصحاب الحضارات.
العرب الباقية:
1- العرب العاربة:
- وهم القحطانيون عرب الجنوب وسكنوا اليمن ومن قبائلهم: جرهم الثانية وحميّر و كهلان (الأزد و الأوس و الخزرج و – وجُذام وكندة وطيء) و قضاعة.
- وهم من صُلب قحطان بن عابر بن شالح بن أرفخشغر بن سام بن نوح عليه السلام.
2- العرب المستعربة: (العدنانيّون)
- وهم أبناء عدنان الّذي ينتسب إلى إسماعيل عليه السّلام، وهو بمنزلة قحطان وكان أولاد إسماعيل ال (١٢) قد تشعّب من كلّ منهم قبيلة، كلّها سكنت مكّة ومنهم قبائل قريش المعروفة: عديّ ومخزوم وزهرة وبطون قصيّ بن كلاب.
- وكان إسماعيل بن إبراهيم تولّى زعامة مكّة، ثمّ انتقلت إلى خزاعة (٣٠٠) سنة، ثمّ انتقلت إلى قريش.
ثمّ عرفنا تاريخ من تلاهم، عندما درسنا سيرة قريش أجداد الرّسول صلّى الله عليه وسلّم، وأهمّ رجالها قصيّ بن كلاب وهاشم (جدّ الرّسول الأكبر) وعبد مناف وعبد المطّلب.
حتّى تشرّفت العرب والعجم بل وجميع الكائنات بمولد سيّد السّادات صلوات ربّي وسلامه عليه.