مالك بن دينار

بسم الله الرّحمن الرّحيم

لمحة عن حياته:

  • ولد في الكوفة وعاش فيها، وعرف بسيّد الزّهّاد.
  • عاش في زمن سيّدنا ابن عبّاس وأنس بن مالك رضي الله عنهم، لكنّه تأثّر أكثر بتابعي مثله وهو سيّدنا الحسن البصريّ رضي الله عنهما.
  • تبدأ قصّة هدايته بعد أن جاوز عمره (٣٠) سنة.
  • لم يكن صالحاً بادئ أمره، بل كان رغم كونه شرطيّاً مسؤولاً عن الأسواق كان فاسقاً فاجراً يقطع الطريق على النّاس ويأخذ أموالاً منهم بغير حقّ ويفتعل المشاجرات، وكان سكّيراً مدمناً.

يتحدّث عن قصّة هدايته كيف بدأت فيقول:

في يوم اشتقت إلى الشّجار، فوجدت رجلين في السّوق يتلاومان بشدّة، ويكادان أن يتشاجران فسمع المظلوم منهما يقول: أتأخذ فرحة بناتي ! أتمنع فرحة بناتي ! أتأخذ الحلوى منّي وقد اشتريتها لبناتي! والله ليدعونّ بناتي عليك اللّيلة فلا ترى خيراً بعدها، فضحك الظالم مستهتراً، فقال المظلوم: أتضحك وقد سمعت رسول الله يقول: ( من خرج إلى السّوق يشتري شيئاً لبناته فأكرمهنّ وأعطاهنّ، وأدخل على وجوههنّ الفرحة، نظر الله إليه بعين الرّضا ).

أيّ عظمة في تعاليم رسول الله لتحضّ على العطف على البنات!

يقول مالك: فأمسكت الظّالم وضربته، وأعطيت المظلوم حاجته الّتي سلبها الظالم منه وزوّدته مبلغاً من المال منّي ليشتري حلوىً إضافيّة، فجعل الرجل يشكرني، فقلت له: “لا تشكرني، لكن عندما تعود لبناتك، تطعمهنّ الحلوى ويتبسّمن ويرضين، قل لهنّ يدعون لي بالهداية وقل لهنّ اسمي مالك بن دينار”.

ثم عاد إلى بيته وهو يفكّر، بأنّه أعزب ولكن من سيرضى أن يزوّجه ابنته وهو على هذه الحال!

ثم قرّر أن يخرج في يومه التّالي إلى سوق الجواري، وتوسّم في جارية الأدب والجمال واشتراها وأعتقها وتزوّجها، ورزقه الله منها بنتاً سمّاها فاطمة، وكم أثّرت فيه، وجعلت تكرّهه بشرب الخمر، وكم كانت تأتيه وهو يشرب فتزيح الكأس من يديه وكأنّها تمنعه عن شربها، وهو لا يمتنع، إنّما يدعو الله أن يتوب عليه من شرب الخمر، حتى صار عمر فاطمة خمس سنوات … ثمّ ماتت فاطمة، وصار وضعه أسوأ ممّا كان عليه سابقاً وأمسى يفرط في الشّرب ويبتعد أكثر وأكثر حتّى كانت أوّل ليلة من رمضان، فعزم على أن يشرب كما لم يشرب من قبل، فشرب وشرب حتى سقط إغماءً وإعياءً غير أنّه رأى رؤيا أفزعته … رأى كأنّ يوم القيامة قد قامت وبدأ عرض النّاس على الجبّار ثم نودي عليه فجعل يهرب ويجري في ساحة وحده، ثم له بثعبان كبير أسود أزرق يريد التهامه، عيناه كأنّهما الدّم وأسنانه كأنّها رماح فجعل يجري، فرأى عجوزاً فاستغاث به، فقال: “أنا ضعيف كما ترى لكن اجر من هنا لعلّك تنجو”، فجرى فإذا بالنّار أمامه فخاف، فعاد إلى العجوز مستغيثاً واعتذر كما الأوّل، فجرى حتّى رأى جبلاً عليه ساتر، فرُفع السّاتر فإذا بأطفال وجوههم كالقمر وكانوا الأطفال الّذين ماتوا صغاراً فجعلوا ينادون: “يا فاطمة أدركي أباك”، فركضت نحوه تنادي أبتِ، وأشارت للثعبان أن يرجع، فرجع وجلست في حجر أبيها كما كانت تفعل في الدّنيا وقالت: يا أبتِ {ألم يأنِ للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله} !