من تجليات ليلة الإسراء والمعراج

في مثل هذه الليلة المباركة

كانت الذكرى الأجمل
للرحلة الأعظم

والتي جاءت كما نعلم

في فترة صعبة وحزينة على قلب النبي الأكرم على ربه صلى الله عليه وسلم

بعد ١٠ سنوات من الدعوة والخدمة

وبعد ٣ سنوات من الحصار الجائر

وبعد فقدان الزوجة والحبيبة والدعم الداخلي خديجة رضي الله عنها

وفقدان السند الخارجي العم أبو طالب

وبعد المحاولة التي باءت بالفشل في الطائف

بل واضطرار النبي للدخول في جوار كافر

بعد كل هذه الأحزان والآلام
كانت رحلة جبر الخاطر والآمال

كانت مكافئة الرب الرحيم
السميع البصير بعبده وهمومه وآلالامه

بآيات سُطرت لتتلى
((سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام الى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آيَاتِنَا إنه هو السميع البصير))

فجلّ جلال الله الذي يسمّع ويبصر ويعلم ما حلّ بِنَا، فيختار الوقت الأنسب لمداواة القلب المكلوم وشفاء الجراح..

سبحانه

لا يُسأل عما يفعل

يدبّر الأمر

لا إله إلا هو

تأملات في آية الإسراء

(سبحان) يُعلِّمنا ربنا كيف ننزّهه، وهو يحدّثنا عن معجزة عظيمة وآية جليلة.

(الذي أسرى) لا بدّ من إسراء، وهو السير ليلاً

السير الى الله وعبادته

الذي لا توّقف له

(ولو توقفت الدنيا في مثل هذه الظروف)

(بعبده) حيث أشرف الأوصاف وأعلاها
مرتبة العبودية

(ليلاً) فأسرع الطرق تكون بالليل لأنها بلا ازدحام وبلا مشوشات

(من المسجد الحرام الى المسجد الأقصى) فلم يكن الفتح والخير والعروج الى السماء من المكان القريب ولو كان أعظم ،بل احتاج حركة وتَحَرُّك وسعي وسير وقطع مسافات الى المكان الأبعد ومن هناك كان الانطلاق.

(الذي باركنا حوله) فبلاد الشام بلاد الرباط المباركة بركة حسيّة ومعنوية

(لنريه من آيَاتِنَا) وكم في رحلة الاسراء والمعراج من آيات مسطورة وآيات منظورة للنبي وللمؤمنين

(إنه هو السميع البصير) الذي يعرف متى وكيف يداوي ويعالج ويمدّ ويشحن ويُنعش ويقوّي عبده مهما اشتدّ الظلام وزادت وطأة الامتحانات.

فما أحلاها رسائل الرب الرحيم الكريم..

الرسائل الربانيّة في تفسير الآيات القرآنيّة:

سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى (لا بدّ من حركة وسير الى الله)
بِعَبْدِهِ (أشرف وأعلى مرتبة و وصف)
لَيْلاً (الليل مدعاة الهدوء والسكون)
مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى (فلم يكن الخير والفتح في القريب بل الأبعد)
الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ (ميزة ونعمة الرباط)
لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا (فهناك العديد من الآيات والرسائل والعبر التي سيراها)
إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (الذي رأى ما حصل في حصار الشعب والطائف وغيره، وأخرّ التصرف والحل)

وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ

وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ

ليست الرسائل لهم بل لنا نحن

وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولاً (قانون ثابت ماضٍ)

إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا (رسالة باقية)

عَسَى رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا

إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا
(فهذا الدليل موجود و واضح)

وَيَدْعُ الإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الإِنسَانُ عَجُولاً

وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً

كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا

مَّنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً
(الرسل تتعدد أشكالها)

وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا (قانون ثابت)

وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ مِن بَعْدِ نُوحٍ وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا

دقات قلب في المعراج:

من يحمل قنديله في صدره لا يعنيه ظلام العالمين.

لم يكن ابداً من شروط السير الى الله أن تكون في حالة طهر ملائكية، سر إليه بأثقال طينك فهو يحب قدومك عليه ولو حبواً.

رؤية العين رؤية ورؤية القلب لقاء.

بالمحبة تصبح المرارة حلوة، والنحاس ذهباً والآلام شفاء.

لا تنطفئ ربما كنت لأحدهم سراجاً وأنت لا تشعر.

كن مصباحاً، كن قارباً كن سلماً كن شفاءً للأرواح التائهة.