نور قيام الليل
معلوم أن قيام الليل ينور صاحبه، لما فيه من الاشتغال بالصلاة والتلاوة والذكر وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وَالصَّلاَةُ نُورٌ». رواه مسلم.
وقال صلى الله عليه وسلم: «عَلَيْكَ بِتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ، وَذِكْرِ اللَّهِ، فَإِنَّهُ نُورٌ لَكَ فِي الْأَرْضِ، وَذُخْرٌ لَكَ فِي السَّمَاءِ». رواه ابن حبان في “صحيحه”. وفي رواية: «ذِكْرٌ لَكَ»
قال المناوي في “فيض القدير”: فإنه نور لك في الأرض، فإنه يعلو قارئه العامل به من البهاء ما هو كالمحسوس، وذكر لك في السماء، بمعنى أن أهل السماء وهم الملائكة يثنون عليك فيما بينهم لسبب لزومك لتلاوته. اهـ.
وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” الْبَيْتُ الَّذِي يُقْرَأُ فِيهِ الْقُرْآنُ يَتَرَائى لِأَهْلِ السَّمَاءِ، كَمَا تَتَرَائَى النُّجُومُ لِأَهْلِ الْأَرْضِ ” رواه البيهقي في “شعب الإيمان”.
وقد حكى ابن رجب الحنبلي في “تفسيره”: أن كعبا قال: إن الملائكة ينظرون من السماء إلى الذين يتهجدون بالليل كما تنظرون أنتم إلى نجوم السماء. اهـ.
وقال ابن الحاج في “المدخل”:
وفي قيام الليل من الفوائد جملة، فلا ينبغي لطالب العلم أن يفوته منها شيء:
فمنها: أن يحط الذنوب كما يحط الريح العاصف الورق اليابس من الشجرة.
الثاني: أنه ينور القلب.
الثالث: أنه يحسن الوجه.
الرابع: أنه يذهب الكسل، وينشط البدن.
الخامس: أن موضعه تراه الملائكة من السماء كما يتراءى الكوكب الدري لنا في السماء. اهـ.
وقد ورد عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَّامٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ : «إِنَّ لِلْمَسَاجِدِ أَوْتَادًا هُمْ أَوْتَادُهَا لَهُمْ جُلَسَاءُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، فَإِنْ غَابُوا سَأَلُوا عَنْهُمْ، وَإِنْ كَانُوا مَرْضَى عَادُوهُمْ، وَإِنْ كَانُوا فِي حَاجَةٍ أَعَانُوهُمْ» رواه الحاكم وقال: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ مَوْقُوفٌ وَلَمْ يُخْرِجَاهُ. اهـ. ووافقه الذهبي.
وروى محمد بن فضيل الضبي في “الدعاء”: حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ قَالَ: «أَنِيرُوا بُيُوتَكُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ ، وَاجْعَلُوا لِبُيُوتِكُمْ مِنْ صَلَاتِكُمْ جُزْءًا، وَلَا تَتَّخِذُوهَا قَبْرًا كَمَا اتَّخَذَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى بُيُوتَهُمْ قُبُورًا، فَإِنَّ الْبَيْتَ الَّذِي يُقْرَأُ فِيهِ الْقُرْآنُ يُضِيءُ لِأَهْلِ السَّمَاءِ كَمَا يُضِيءُ النُّجُومُ لِأَهْلِ الْأَرْضِ».
ورواه عبد الرزاق في “مصنفه” عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الْبَيْتَ الَّذِي يُقْرَأُ فِيهِ الْقُرْآنُ وَيُثَوَّرُ فِيهِ يُضِيءُ لِأَهْلِ السَّمَاءِ كَمَا يُضِيءُ النَّجْمُ الْأَرْضَ».
ثم قال عبد الرزاق: قَالَ مَعْمَرٌ: وَسَمِعْتُ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ يَقُولُ: «إِنَّ أَهْلَ السَّمَاءِ لَيَتَرَاءَوْنَ الْبَيْتَ الَّذِي يُقْرَأُ فِيهِ الْقُرْآنُ وَيُصَلَّى فِيهِ، كَمَا يَتَرَاءَى أَهْلُ الدُّنْيَا الْكَوْكَبَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ»